كتاب عالم الإفتاء وعثرات المفتين من تأليف البروفيسور عصام أحمد البشير، والجلسة كانت من تقديم مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم، ورعاية من المجلس الأعلى للدعوة والإرشاد بولاية الخرطوم في قاعة اتحاد المصارف مساء الثلاثاء 17-3-2015 ، الجدير بالذكر أن الكتاب طبع تحت اشراف منتدى النهضة والتواصل الحضاري الذي طبع عددا من مؤلفات البروفيسور.
في التقديم كان الدكتور السموأل خلف الله الذي رحب بالحضور، وقدم الشيخ شوقار يحيي شوقار ليتلوا بعضا من آيات الذكر الحكيم ، ثم بعدها ابتدر د.السموأل كلمة مؤسسة أروقة التي من خلالها قال بأنهم سيقيمون منتدى كل شهر يناقشون فيه كتابا يهم الأمة الإسلامية بحضور نخبة من المفكرين والمثقفين.
كلمة د. بدرالدين طه
المتحدث التالي كان د. بدرالدين طه رئيس المجلس الأعلى للدعوة والارشاد بولاية الخرطوم، حيث وجه تحية خاصة لمؤسسة أروقة التي يرجو لها الاستمرار في نشر العلم والمعرفة، وإثراء الفكر في المجتمع الاسلامي.
وفي الكتاب يقول د.طه أن المؤلف تناول موضوعا هاما حيث أشار إلى حرية الفتوى وتكريس أدب الحوار وأدبيات الخلاف، وقال بأن الوسطية هي الحل الاسلامي للمشكلات والأزمات التي تعصف بالعالم.
كلمة مدير المنصة
عثمان الكباشي أدار منصة الجلسة، حيث قال في بدء حديثه بأنه سعيد بالاحتفاء بميلاد كتاب، حيث أن ذلك دليل على أن الخرطوم تكتب وتقرأ في إشارة إلى القول القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ، وفي محتوى الكتاب يقول الكباشي الفتوى هي دين الناس وحاجتهم لها أهم من حاجات الدنيا الأخرى، والكتاب على رغم قلة عدد صفحاته 78 إلا أن فيه إضافة كبيرة، وهو كتاب عملياتي خاطب الجوانب العملية في الفتوى، وعني بمشكلات الواقع، وخاطب المستقبل بتحدياته وأدواته، كما قال بأن الكتاب لم يأت فقط لوصف الأمراض والعثرات ولكنه وضع الأفكار والتوصيات المساعدة لحل هذه المشكلات، في لغة سلسة وجميلة.
كلمة المؤلف
البروفيسور عصام أحمد البشير مؤلف الكتاب هو رئيس مجمع الفقه بالسودان و عضو في عدد من الجمعيات الاسلامية العالمية منها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وأمين عام منتدى النهضة والتواصل الحضاري الذي أشرف على طباعة عدد من منشورات المؤلف.
بعد أن رحب المؤلف بالحاضرين قال عن الكتاب أنه بحث صغير منهجه الافتاء في فضاء مفتوح، حيث أنه بالتعاون مع المركز العالمي للوسطية في الكويت جعل الكتاب ميثاقا للفتوى بمختلف أدواتها ومجالاتها، كما شارك بالكتاب في مؤتمر الفتوى الذي تقيمه رابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة.
وفي محتوى الكتاب يقول البشير بأنه أشار في مقدمة الكتاب إلى نقاط عشر هي
* السبيل إلى التوسط بين فريق الغلاة وفريق الجفاة.
* التعامل مع واقع الزمان، حيث أصبع من العسير على الفقهاء الإحاطة بكل العلوم.
* الموقف من قضية التراث، بين الجامدين عليه والجاحدين له.
* الحضارة، وتقديم البدائل.
* التوفيق بين واجب الاتحاد والاقرار بمشروعية الاختلاف.
* احياء أدب الخلاف، اختلاف في تنوع، اختلاف في تضاد
* فتاوى الأفراد وفتاوى الأمة
* تحقيق مؤسسية الفتوى من دون مصادرة حق الأفراد في ابداء الرأي دون المساس بحرية الفتوى.
ناقش المؤلف في كتابه عالم الافتاء وعثرات المفتين، بعضا من العثرات والضوابط أجملها في عدد من النقاط:
* الجهل بخطورة منصب الفتوى.
* ضعف التأهيل العلمي وضعف ثقافة لا أدري
* عدم التفريق بين وظيفة الفتوى و وظيفة القضاء الملزمة.
* الخلط بين وظيفة الداعي والخطيب والواعظ مع وظيفة المفتي.
* عدم استيفاء النصوص الواردة في الفتوى.
* الخلط بين الثوابت والمتغيرات.
* غياب فقه المقاصد الكلية والجزئية.
* التجافي عن اعتبار المآلات.
* الجمود على التراث والجحود على التراث.
* ضعف مؤسسات الافتاء الرسمية.
* ضعف الافتاء على مؤسسات الاعلام المختلفة.
* قاعدة تغير الفتوى بتغير الأمكنة والأزمنة.
* إذا تعارض أمران أيسر وأحوط، يفتى للعوام بالأيسر مالم يكون اثما، والمشقة تغلب التيسير.
* إحياء فقه البدائل، كمثال أحل الله البيع وحرم الربا.
* الآداب المتعلقة بالمفتي والمستفتي.
* ضرورة التضييق في ايجاد التحريم لأنه مفصل، و الأصل هو الحل والاباحة.
في حديثه عرف البشير الفتوى بأنها اخبار العالم بحسب نظره واجتهاده بما يعتمد أنه حكم الله في المسألة على المستفتي كان فردا أو جماعة، وشدد على أن الحكم هو حكم الله حيث قال أنزلهم على حكمك ولا تنزلهم على حكم الله ورسوله لأنك لا تدري ما هو حكم الله ورسوله، ولا أحد يستطيع الجزم بأن اجتهاده هو المطابق لعلم الله في كتابه المكنون، والفتوى تقتضي أربعة : مفتي، و مستفتي، و فتية، و افتاء.
قبل أن يختم كلمته قال البشير عن الافتاء في العصر الحديث أن التعامل في الفتوى يكون بمجموع الفقه الاسلامي، لانتعصب للمذاهب ولانتعصب عليهم، ولانقدس ولانبخس من قدر العلماء والعصمة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والافتاء يجب أن يكون مواكبا لتحديات الزمان، وختم بالقول نريد احياء أدب الاختلاف، اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، ولتأخذ الأمة بسعة هذه الشريعة.
تعقيبات
أول المعقبين كان د.محمد الأمين اسماعيل، عميد كلية الدراسات الاسلامية بجامعة أم درمان الاسلامية، الذي قال أن الأمة الاسلامية في أمس الحاجة للفتوى الصالحة، بمنهج التيسير في الكتاب إلا في الحدودالفاصلة.
وعن الكتاب يقول اسماعيل بأنه قيم وجيد، حيث ذكر بعض التعليقات على أمثلة لفتاوى ذكرت في الكتاب، وأكد على بعض الضوابط التي ذكرها المؤلف كوضع المفتي في الصورة الكلية عند طلب الفتية منه من قبل المستفتي، حيث يجب على المفتي اظهار الحق وايجاده، وما كتب لله سيبقى وما كتب لغير الله سيزول في إشارة إلى النسخ المغلوطة من موطأ الامام مالك التي اندثرت، وبقيت النسخة الصحيحة المثبتة.
عبد الله الزبير الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين، في حديثه عن عثرات المفتين أشار إلى أن رئيسه البروفيسور عصام البشير ألزمه بحضور الجلسة وهو يعتبر ذلك عثرة من العثرات وهو ما أضحك الحاضرين، عن الكتاب يقول الزبير بأن الكاتب استوفى الموضوع، ولا يوجد لديه اعتراض بل بعض من التفاصيل.
في الاشارة لمحتوى الكتاب قال الزبير بالنسبة لقضية التيسير في الدين بأن الفتية فيها بحاجة لمزيد من الضبط، فليس من التيسير اجتماع الأقوال الشاذة في الحكم، ولكن تحقيق الأقرب إلى المقصود ولو كان الأبعد عن المقاصد، و أثار الزبير جدلا في القاعة عندما ذكر بأنه دعي إلى اتحاد الفنانينفي بداية التسعينيات ليلقي محاضرة فتحير عند الدخول هل يدخل باليمنى أو اليسرى، وفي الآخر دخل برجله اليسرى، وهنا نود الإشارة إلى أن رئيس مجلس المهن الموسيقية والفنون علي مهدي كان حاضرا وعقب في نهاية الندوة على كلام الزبير، حيث سننقله في نهاية المقال.
د.صلاح الدين البدوي الخنجر، أستاذ العقيدة بجامعة أمدرمان الاسلامية ، كان أحد المعقبين بالمنصة حيث قال بأننا في أمس الحاجة لجلسات الحوار، والختلاف نعمة للأمة كما قال بأن جهود المؤلف البشير لاتنكر خارج السودان وداخله ، ومنها وقفته في اغلاق المراكز الثقافية الايرانية التي سعت لنشر المذهب الشيعي في السودان.
وفي الفصل الذي يتكلم عن مرجعية الفتوى في الكتاب يقول الخنجر بأن الفتاوى الصادرة عن المجامع والجهات الاعتبارية تحتاج إلى مراجعة متى ما حادت عن الطريق، وأشار إلى قانون يقضي بمعاقبة المتسولين تم اقراره بالتعاون مع مجمع الفقه بطلب من الحزب الحاكم حسب قوله، إلا أن البشير رد لاحقا بأنهم مستقلون في مجمع الفقه ولا يبيعون دينهم لأي كان، فالذي حدث لم يكن فتوى،بل هو مشروع قانون لتنظيم التسول تقدمت به ولاية الخرطوم، ولم يتعرض مجمع الفقه لتجريم المتسولين.
تحدث الخنجر عن ظاهرة الفتاوى المباشرة وشبهها بالبلاوي حيث قال ان فتوى على وزن بلوى وكذا الجمع، ولذلك الفتاوى المباشرة بحاجة إلى ضبط، لا تمنع البتة ولا تجوز البتة، وأثار عدة تساؤلات منها عدم وجود المفتي العام للسودان كما في البلدان الاسلامية، ومراجعة فكر بعض المدارس كمدرسة ابن القيم ابن تيمية وابن عبد الوهاب، حيث قال بأنها لا تخلو من الشطط، وأنها فرضت غلى الناس فرضا.
مداخلات الضيوف
ممثلا عن الطرق الصوفية تحدث الشيخ محمد المنتصر الجزيري أمين هيئة علماء الصوفية، الذي كان دقيقا في حديثه حيث أشار إلى مراجعه ومصادره حتى مع أرقام الصفحات، وقال بأن مؤسسات الفتوى ضعيفة التأثير ولديها بعض المعضلات في الفتية في مسائل الخلاف، وأشار إلى فتوى حرمت الذكر الجماعي، حيث رد البشير بأن الفتوى لم تخرج منهم ولم يجوزها أحد منهم كذلك، كما عاب الجزيري أيضا على المناهج الدراسية التي تقود للتكفير والتفجير وهو بذلك يدعو لمراجعة تلك المناهج، كما أن عدد من الحاضرين صفقوا لحديثه الي لمس وترا عندهم.
البروفيسور عصام البشير أراد أن يوضح عدة نقاط قبل الانتقال لبقية الأسئلة، حيث قال أن هناك بعض الفتاوى تخرج بصيغة واضحة من مجمع الفقه الاسلامي لكن بعض الصحف قد تغير في صياغة الخبر، والواجب على الناس احسان الظن بالعلماء، والرحم موصولة بين أهل العلم لذلك لا نشكك في عالم منهم، وقال نحن لا نتعصب لعالم أو لمذهب معين، بل نأخذ منهم جميعا وندع، ولا نقدس أحدا منهم، أما في قضية تحليل الربا للضرورة فقال بأن المجمع لم يحلل الربا، والذي يحلل الربا كافر.
مدير جامعة القرآن الكريم الأسبق د.سليمان عثمان قال عن الكتاب أنه أكد على أسس الفتوى والصدق والاخلاص والتيسير ورفع الحرج، وهو يرى بأن الاجتهاد الجماعي هو أضمن لتجنب عثرات المفتين ، وهو فريضة الوقت وواجب العصر في القضايا العامة، والاجتهاد الجماعي ليس حديثا في تاريخ السودان الحديث، حيث ذكر عثمان بعض الأمثلة كمشيخة علماء السودان، ومعهد أم درمان الكبير.
وبالنسبة لمشروع قانون تنظيم التسول فقال د.عثمان بأنه اطلع على تقرير الرعاية الاجتماعية الذي أشار إلى أن التسول مهنة وهناك جهات قائمة عليها تقوم بتنظيمه كما اطلع على الدراسة التي أجريت على طول شارع المك نمر الذي يربط أكثر من 5 تقاطعات.
د.علاء الدين عضو هيئة علماء السودان وضح كيفية اتخاذ الفتوى في الهيئة، حيث قال بأن دائرة الفتوى العامة هي المناطة بالفتوى، و للهيئة عدة دوائر متخصصة في جانب معين من الفتاوى ، وبعد استصدار الفتوى من تلك الدوائر يتم عرضها على الأمين العام لنشره أو لإعادة النظر فيها.
في حديث سريع للدكتور عبدالرحمن حسن حامد، الذي عاب الاختيار السياسي لعضوية هيئة علماء السودان، وعدم اصطحاب مشاكل المجتمع في الفتوى الرسمية، واباحة الربا، وقال بأن مجمع الفقه بحاجة إلى تقويم وإلى اختيار لشخصيات مؤهلة، وهنا باتت صفقات الحضور تعلوا مع المتحدثين.
رئيس مجلس المهن الموسيقية والفنون علي مهدي نوري، بدأ في حديثه بطلب من الحضور أن يصلوا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقال بأن الفنانين يفهموا في الدين ، ونحن لسنا أهل شقاق ولا خلاف، و كلنا علماء دين إذا جلستم إلينا تجدونا عالمين وإذا صليتم ورائنا تبكون بإذن الله، كما قال أن الفن والفكر والأدب يلعبون دورا كبيرا في التنمية والاصلاح وتحقيق الغايات الكبرى.
في رده على عبدالله الزبير في كونه دخل إلى اتحاد الفنانين بالرجل اليسرى، قال نحمد الله أنك دخلت، ورئيس مجلس المهن الموسيقية يتم تعيينه بقرار رئاسي كما رئيس مجمع الفقه، حيث رد الزبير، بأنه بعد أن ألقى المحاضرة تم تأسيس مسجد بالاتحاد، ولو أنه كان يعلم تلك البركات لدخل برجله اليمنى، وبعد فراغه من الحديث ضجت القاعة بالتصفيق.
تعقيب المؤلف
بعد قرب الزمن المخصص لانتهاء المحاضرة، جاوب المؤلف البروفيسور عصام البشير على تساؤلا ونقاشات الحاضرين حيث قال بأنه لم يدع لمنع الفتوى المباشرة في وسائل الاعلام، بل سعى لضبطها وتنظيمها، ومجمع الفقه الاسلامي ليس هوالجهة الوحيدة التي تصدر الفتوى، لكن الحاكم هو فقط من يختار الجهة الرسمية للفتوى.
مجمع الفقه الاسلامي يضم كل أنواع الطيف الاسلامي، وهم لا يضيقون برأي من الأراء بل يسع بعضهم بعضا، وهم يسعون في تقديم صورة مشرفة للأجيال وقدوة في الاحترام والتقدير، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل.
في نهاية الجلسة تم اعلان أن جميع نسخ الطبعة الأولى قد نفذت ، وأن على منتدى النهضة والتواصل الحضاري أن يسرع بالطبعة الثانية، لأني أيضا أطالب بتوفير نسخة لي .